برعاية وحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب جرى إحياء اليوم السابع من محرم الحرام في مقر المجلس طريق المطار ، بحضور حشد من علماء دين وشخصيات سياسية وقضائية وعسكرية وتربوية وثقافية واجتماعية ومواطنين.
وبعد تلاوة اي من الذكر الحكيم للقارئ احمد المقداد قدم الحفل د. جهاد سعد فقال: عندما نقول الإمام الحسين عليه السلام يتبادر إلى ذهننا دائماً تلك التضحية الكبرى بالشهادة، ولكن الشاهد والشهيد ليس فقط هو المقتول في سبيل الله بل هو الذي يشهد باستقامته على انحراف الآخرين، ويبقى معياراً للعودة إلى الحق في كل حين. الشهداء في الحياة منارة فهم قبل القتل احياء _ شهداء، وبعد القتل شهداء _ احياء. وهذا المعنى هو المقصود في آيات القرآن الكريم : لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا، .وبالتالي كيف تكون الحسينية طريقة في الحياة قبل أن تكون تضحية بالنفس؟
نسمع كثيرا بكلمة القيم، وأن من أدوار الأئمة عليهم السلام تكريس حاكمية القيم الإسلامية والإلهية في حياة الأمة. فما هي القيم: إنها ارتباط بمفهوم أو رمز أو فكرة أو عقيدة بحيث يكون هذا الإرتباط فوق الأنا وفوق الذات، ولذلك يتطلب الإلتزام بالقيمة دائما تضحيات سواء كانت حرية أو عدالة أو إيثار أو صدق أو دين أو مبدأ أو شرف أو التزام . قال تعالى : قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام _ 161).
وككل رابط، تختلف علاقة الإنسان بقيمه شدة أو ضعفاً، فمن جهة الشدة قد يصل الإنسان لدرجة الإستشهاد عندما يتعمق إيمانه بالله سبحانه والإسلام والحرية والعدالة ، فيصبح هو بذاته قيمة مجسدة، ومن جهة الضعف قد ينحدر إلى مستوى التلاعب بالمفاهيم والقيم، فلا تؤتي ثمارها على مستوى السلوك.
الحسينية في حياتنا هي التجلي الأبرز لحاكمية القيم، بالإستعداد للتضحية بالجهد والعلم والوقت والمال والجاه، قربة إلى الله تعالى، إيمانا منا بأن العطاء بلا حدود هو "الثروة" التي ندخرها لأجيالنا ولحياتنا المقبلة، والعطاء وليس الأخذ هو المفهوم الإسلامي للإدخار، وهو المفهوم الإسلامي الحسيني للتجارة الرابحة : إن الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة ...
وعندما تتصاعد التضحية بالمال والجهد والوقت والجاه والنفوذ والمصلحة والماديات فإنها تصل في ذروتها إلى مستوى الإستشهاد وتقديم النفس. وبذلك يتحول الشهداء بذاتهم إلى صناع قيم ومصدر إلهام لا يتوقف عند حدود، مع الإمام الحسين عليه السلام راينا كل تجليات التضحية في الحياة قبل أن نرى المشهد المفجع عندما وصلت التضحية إلى ذروتها، وبالتالي فإن على الحسينيين بل على المسلمين أن يعتبروأ الحسينية طريقة في الحياة قبل أن تكون طريقة في الموت والشهادة. فأينما احتاج الإسلام إلى تضحية حتى ولو صغيرة فيجب أن نقدمها بسخاء وبلا تردد، ومهما احتاج العدل والتوحيد إلى جهود يجب أن نقدم عليها بقلب شجاع ومطمئن، وهكذا تتجسد القيم الحسينية في حياتنا وننتسب إلى هذه المسيرة التي تعني الصدق والإيثار والعطاء حتى الرمق الأخير.

والقى رئيس اتحاد علماء المقاومة سماحة الشيخ ماهر حمود كلمة استهلها بالقول
من أين نبدأ؟ بحرٌ من المعاني يتدفق عندما نذكر الإمام الحسين ووقفته وتاريخه وحب رسول الله له وأخلاقه، لعله أجمل وأفضل والله أعلم وأعلى ما نستمع به أو ما نستمتع إليه في هذه السيرة عندما قالت للسيدة زينب: ما رأيت إلا جميلاً، كلمة التسليم لقضاء الله وقدره، قيمة الإيمان الذي يفتت الجبال إن كان مكر الكفار يفتت الجبال كما قال تعالى: (قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ* يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) والإيمان كذلك واليقين، نحن ننطلق من هذا الكلام إلى واقعنا المر إلى المقاومة التي تتطاول عليها أقل الناس شأناً وديناً وتجربةً إلى الإنقسام العامودي بين المسلمين على أساس مذهبي، إلى هذا التغول الإميركي الصهيوني الذي يتغلغل في شرايين الأمة من أقصاها إلى أقصاها كما تتغلغل الشرايين في جسد الإنسان، الأميركي خدمة للصهيوني في العقود الأخيرة أنشأ إسلامات، داعش والنصرة والتكفيريين ودخل في جسد الأمة.
وتابع ... اياكم ان تعتبروا ان ما نحن فيه من إنقسام مذهبي هو بسبب الإختلاف على ولاية علي أو عصمة الأئمة أو تفسير الآية من هنا أو هنالك، هذا أمر يمكن أن يحل بالحوار أو يمكن حتى أمام الأمر العظيم أن يوضع جانباً لنوحّد الأمة أمام الخطر الأعظم.
في غزوة خيبر جاء أعرابي لم نعرف إسمه لم يسأله أحد لم يحن الوقت أصلاً ليسألوه عن إسمه يعبر عنه في السيرة الأسود الراعي أسلم، فسأل: يا رسول الله أدخل معكم في المعركة أم أتعلم الصلاة؟ قال له أدخل معنا في المعركة"، فما لبث أن جاءه سهم فإستشهد فأنبأنا رسول الله أنه في الجنة ونزلت له الحوريتان تزيلان التراب عن وجهه وتقولان كرم الله من كرم وجهك وقتل الله من قتلك، وأنت تتحدث عن خلافات عن اجتهادات وعندك جانب كبير ليس موضع خلاف، ألا تعمل في هذه المساحة؟ هنا استحضر البيتين المشهورين للمتنبي: على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم،
من كان يريد الإسلام، و من كان يريد وحدة الأمة، ويريد جهاداً حقيقياً في وجه إسرائيل، يريد نهضة للأمة، يريد إنتقالنا مما نحن فيه إلى الأفضل لا يقف عند خلاف مذهبي، لا يقف عند نقطة في التاريخ، بل يقف حيث يجب أن نجتمع، حيث ينبغي أن نتوحد.
وقال : ثورة الإمام الحسين ليس فيها عالم واحد له قيمته من علماء المسلمين جميعاً يقلل من شأنه، وقد ختم حياته في هذا الموقف ورسول الله في الثابت يقول: "إن ابني هذين سيدا شباب أهل الجنة"، لما لا يحتمل إجتهاداً ولا إجتهاد في مورد النص، وقبل ذلك أن رسول الله (ص) قال: "يا علي تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين"، وثبت أن عمار تقتله الفئة الباغية، وثبت الكثير مما يمكن أن يكون مدخل للتوحّد ولكنهم يختارون ما لا يوحّدهم أو ما لا يمكن أن نصل إلى أية نتيجة، القضية في النفوس في النوايا الفطرية.
من هنا قال تعالى يصف المؤمنين: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) لم يتحدث إلا أتى الله بصلاته وصيامه ، طبعا هذا أمر مفروغ منه، لكن القلب السليم هو الذي ينتج عنه عمل سليم ليس فيه كبرياء و أنانية و أثرة للذات .
والحق يقال أن المقاومة في لبنان وإنطلاقتها من إيران خلال العقود الأربعة ونيف كانت فرصة كافية لأن يتوحّد المسلمون وشرفاء العالم خلفها، ولكن النفوذ الأمريكي وضعف النفوذ حال دون ذلك كما قلنا ونقول دائماً ليس هنالك في الفقه الشيعي _الفقه الجعفري _ما يُميّز فلسطين و ما يجعل الجهاد أكثر وجوباً ما يجعل مواجهة الطواغيت أكثر وجوباً، هذه نصوص واحدة مشتركة مسلّم بها، وقد برز فيها هذا الإتجاه المميز الذي سبق بدعم المقاومة وسبق في ترتيب الأولويات وجعل فلسطين رقماً واحداً مما تختزنه من قضايا، ولكن جوبه كل ذلك بالتشكيك أو بأمور أخرى، ألم تكن الفرصة ناجحة؟ وللأسف الشديد وقبل ذلك هنا في لبنان لا شكّ كان ما فعله الإمام الصدر كانت فرصة نادرة كان يمكن أن تُوحّد أو أن تدفعنا جميعا نحو الأفضل.
واردف...يوم السبت الماضي إستمعت إلى كلمة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يلقيها الشيخ أديب حيدر في بعلبك أعجبت بها، لخَّص الأمر بأن للمجلس الشيعي مبادئ ثلاث لا يتخلى عنها: الأولى وحدة المسلمين فضرب على ذلك أمثال وعندي انا ما أضيفه، حدثني المرحوم الشيخ حسن خالد رأسا برأس ومن دون أن يستمع إلينا أحد في العام 1985، يقول طلب مني الإمام الصدر أن نوحد الآذان قال نحن نضيف أشهد أن علياً ولي الله وأنتم تضيفون حي على خير العمل، فقلت له أصبح الأذان شيعياً بغض النظر عن أن هذا ممكناً بالتطبيق أو غير ذلك، يكفي أن يكون هذا هماً من همومنا وهو الذي كان أول من يصل إلى كفرشوبا في العام 1974 بعد القصف الإسرائيلي وله صورة رائعة امام ثغرة كبيرة في جدار المسجد وهو يصلي على التراب مع المرحوم الشيخ أحمد الزين، كما حدثني مقاتلون من فتح لبنانيين وفلسطينيين أنهم اول من وصل إلى تراب البحر في الرشيدية عام 1973 بعد نصف ساعة من الغارة الإسرائيلية وجلس على الرمل وحدثنا وحرضنا على الصمود والقتال، فعلاً كانت شخصيته مميزة كان يمكن أن ينطلق منها ولا أظن أنه يسمع أن آخرين يسيرون على هذا الدرب، ونحن كطلاب في ثانوية صيدا الرسمية عام 1969 حضر فينا بطلب من رابطة طلاب وكان أكثرهم من النصارى وما أذكره في تلك المحاضرة أنه قال انه جاءت بعثة بلجيكية فيما أظن تصور مأسي الجنوب بطلب منه على ما أذكر وقت ليلة بعد إنهاء الريبورتاج في جونية وقبل سفرهم قالوا يا سماحة الإمام قبل أن يذهب هذا الشريط لأوروبا لتعرف ما يحصل في الجنوب فليعرض في جونية لأنهم لا يعرفون شيئاً عن الجنوب، وهذا لا يزال الأمر تقريبا كذلك وفي العام 1974 طلبه المرحوم الشهيد معروف سعد إلى جامع العمري الكبير في صيدا دون إذن من الوقف الإسلامي السني ولا الوقف الشيعي، أخذ المبادرة لأني سمعت رحمه الحاج غالب عسيران كمسؤول الوقف الشيعي كيف جاء إلى صيدا ولم يخبرنا غص المسجد وهو مسجد كببر وتحدث هو ورئيس البعثة الأزهرية فهمي أبو عبيد وكان خطيبا مفوها ولكن أمام خطاب السيد الصدر لم يقل شيئا مما قال الأمر ما زال موجودا وأشار إلى المسجد يريدوننا أن نكون ديكور للمجتمع ونحن لا نقبل، أريد أن نكون فاعلين في الإصلاح وأذكر وقتها يبدو تجاوز الإحتفال آذان الظهر قام الشيخ محمد يعقوب رحمه الله إلى زاوية من المسجد وحده ليصلي فلحقه عشرات لم يطلب من أحد أن يصلي معه فصلوا خلفه كانت فرصة وجود الإمام السيد موسى الصدر فرصة أيضا للمسلمين أن يرتقوا بوضعهم في لبنان ولكن هذا لم يحصل، إذاً هذه الثابتة الأولى وحدة المسلمين، والثانية تحدث في العلاقة مع إيران منذ الشيخ البهائي والآن توطدت بالإتجاه المميز، والثالثة لبنان الوطن النهائي.
وقال : نعم أيها الأخوة أيها الأساتذة الكرام عندنا فرص كثيرة ضيعناها لكن فلا نضيعنّ الشهادة بأن نشهد بالحق ولو كنا أفراداً ولو كان المجتمع لا يتجاوب.
في الحديث النبوي الشريف أن بعض الأنبياء يأتون يوم القيامة معهم الرهط ومعهم الفئة، ويأتي النبي يوم القيامة تقل لي يا ما القيامة معه واحد أو اثنان ويأتي النبي وليس معه أحد، وفي القرآن الكريم قصة عن فردين، شخصين، فردين قاما بعمل عظيم هو مؤمن سورة ياسين، ومؤمن آل فرعون في سورة غافر، مؤمن سورة ياسين انتهى بالشهادة ولكن الله لم يخبرنا أنه عذّب وخرجت أحشاؤه من التعذيب ذكر النتيجة مباشرة (قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) أما مؤمن آل فرعون فقد كانت نتيجته مختلفة أنقذه الله (فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَاب) ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) وصلت إلى الشهادة في السبيل الله أو إلى النصر أو إلى الإنقاذ فأنت قمت بالعمل، ما كان ينبغي لرجل بحجم الإمام الحسين وهو سيد شهداء أهل الجنة أن يقبل بالدنية وأن يقبل بكل ما حصل في العشرين سنة التي سبقت، حيث لم يطبق من صلح الحسن شيء على الإطلاق تقريبا بل اخترق بشكل واضح وهمه كان يفترض أن يستشار الحسين لا أن يؤتى له بالبيعة وقد كان الاتفاق ينص على أن يكون الحسن عليه السلام هو الامام بعد معاوية فضلاً عن مقتل حجر بن عدي فضلاً عن أمور كثير.
وبغض النظر عن التفاصيل، ما كان له أن يكون غير ذلك، وهنا أيها الاخوة الكرام هنالك لعلها حقيقة مخفية أو بالأحرى لا يضاء عليها أو أحياناً تزور، ليس في عالم المسلمين في أئمة المسلمين واحد يقول كلاماً غير ذلك، بل إن السيرة التي يقرأها قراء السيرة من أين مصدرها؟ المصدر الرئيسي الإمام الطبري المفسر المعروف والمؤرخ المعروف، ومن أخذ منه اليعقوبي وفلان أخذ منه وليس هناك مصدر آخر، ثم إذا تتبعنا ما قاله الائمة أو قبل الأئمة علماء القرن الأول يعني سعيد بن جبير الذي قتله عبد الملك ابن مروان أو سعيد بن المسيب والحسن البصري، كان كان موقفه؟ الإمام أبو حنيفه دعم ثورة النفس الزكية ودعم ثورة زيد بن علي بن الحسين، ودفع لذلك ثمناً، الإمام الشافعي أنقذه محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفه في اللحظات الأخيرة لأنه كان يؤثر كان في اليمن لفترة كان ابن ثلاثين سنة تقريبا، أتى به هارون ليقتله لأنه يحرض على نصرة أهل البيت فقتل التسعة الذين اعتقلوا معه، ولكن في آخر اللحظات الإمام ابن الشيباني وتواسط له عند هارون، الإمام مالك ضرب حتى شلت يداه لأنه أفتى أن طلاق المكره لا يقع، قصده بيعة المكره لا تقع أيضا، الإمام أحمد بن حنبل يقول: استحق يزيد اللعنة في موضعين من القرآن الكريم وموضع من السنة النبوية وهذا مسجل وثابت، أما الموضعان من القرآن الكريم ففي آية واحدة من سورة محمد، طبعاً يسأل ابنه وهو يروي عنه ليس مجرد ابن، قال يا أبتي هل يزيد مولانا؟ قال هل يتولى يزيدا رجل فيه خير، قال هل نلعنه؟ قال لقد استحق اللعنة في ثلاثة مواضع بموضعين من القرآن وموضع من السنة، أما الموضع من القرآن فقوله تعالى بسورة محمد: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ)، ثبت عليه اللعنة، الفساد معروف، كان سلوكه القتلووقطع الرحم ، هاشم وعبد شمس يعني ابناء عبد مناف، بني هاشم وبني أمية أبناء عم، أبناء جد واحد، هو ليس فقط قتل ابن بنت رسول الله هو قطع رحمه أيضا.
إذاً موضعان من القرآن وموضعاً في السنة النبوية، قال رسول الله (ص): ولقد لعن الله من أخاف أهل المدينة" ويزيد قتل أهل المدينة واستباحها ثلاثة أيام في واقعة الحرة ولم يكتف بإخافة أهلها بل قتل من الصحابة وأبنائهم وأصدقائهم مئات و يختلف المؤرخون في العدد، وهنا لطالما قلت لأصحاب السيرة ومنها رسالة أرسلتها في يوم ما لسماحة الشهيد الأسمى، قلت فيها للقراء فليذكروا الحرّة حتى لا يظن المستمع أن يزيداً قد تخصص في خصومة أهل البيت، لا هو عدو الجميع، ها هو يقتل الصحابة وأبناءهم ومدينة رسول الله في 63 هجرية، هو عدو للجميع بل في الحرّة أعطى الأمان لزين العابدين لأنه كان ضد فكرة الثورة التي قام عليها عبد الله بن حنظلة وكذلك أعطى الأمان لعبد الله ابن عمر، يعني هو من أجل الكرسي يقتل أهله ويقتل الجميع، وهو ليس عدو لأهل البيت فقط وأظن أن التركيز على هذا النقطة قد يعطى بعداً يغفل عنه الكثيرون.
وتابع... قصدت من هذا السرد السريع وهذا قد يحتاج إلى كثير من الأدلة بعد أو من الشواهد أننا نسطيع بدون أدنى شك أن نصل إلى الهدف إن كنا فعلاً نقصده إن كانت النفوس سليمة، أما إن كانت النفوس مريضة يهمها الدنيا أو ولي الأمر المزور أو أي شيء آخر فإننا ننتقي الأسوأ، كما قيل في النكتة: أن رجلاً أرسل ولديه إلى مصر ثم سألهما: ماذا رأيت في مصر؟ قال الأزهر والحسين والسيدة زينب والمساجد، وسأل الآخر قال: شارع محمد علي والهوانم وكذا وكذا وكذا، هذا انتقى ما يريده هذا انتقى ما يريده، عبيد الدنيا عبيد الدينار عبيد البترول عبيدوا الأهواء وهم كثر يملأون ساحاتنا ويحتلون مناصب حساسة وتُسخَّر لهم الشاشات والأقلام والهواتف، هؤلاء الذين ينشرون الثقافة الإسلامية المشوهة التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه ولعلنا ننتظر الأسوء بعد ذلك، ولكن إما أن نكون شهداء نشهد فنموت على ذلك، وإما أن يُمكّننا الله، أتعظ في أمة جاهلة في غيبوبة نعم، (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) واجبنا أن نقول الحق وأن ننصح حتى من نظن أنه لم ينتصح، واجبنا أن نسبح عكس التيار حتى ولو كان جارفاً، واجبنا أن نقول الحق وأن نشهد عليه مهما كانت النتائج، المهم أن يرضى الله وأن نلقاه كما لقيه الحسين وكما لقيه الحسن وكما لقيه علي وكما لقيه الصالحون جميعاً، ليجمعنا الله بإذنه تحت ظل عرشه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.
جزاك الله خيراً صاحب السماحة وشكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وفي الختام تلا الشيخ نعمة عبيد مجلس عزاء حسيني.
|