• القسم : النشاطات واللقاءات .
        • الموضوع : العلامة الخطيب يرعى حفل توقيع كتابي: "دولة المواطنة في لبنان في رؤية العلامة الخطيب" والعيش المشترك في لبنان في رؤية العلامة الخطيب" اللذين اعدهما د. غازي قانصو .

العلامة الخطيب يرعى حفل توقيع كتابي: "دولة المواطنة في لبنان في رؤية العلامة الخطيب" والعيش المشترك في لبنان في رؤية العلامة الخطيب" اللذين اعدهما د. غازي قانصو



برعاية وحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى رئيس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية في لبنان العلامة الشيخ علي الخطيب اقيم اليوم حفل توقيع كتابي: "دولة المواطنة في لبنان في رؤية العلامة الخطيب" و' العيش المشترك في لبنان في رؤية العلامة الخطيب" اللذين اعدهما عميد كلية الدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية د. غازي قانصو، وحضر الحفل  ممثل شيخ عقل الموحدين الدروز د. عماد الغصيني،  ممثل سفير الجمهورية الاسلامية في لبنان  مهدي نبيوني ، عضو المجلس الدستوري القاضي عوني رمضان، رئيسة مؤسسات الامام الصدر السيدة د. رباب الصدر شرف الدين، رئيس جمعية قولتا والعمل الشيخ د. احمد القطان، النائب السابق لحاكم مصرف لبنان د. رائد شرف الدين، عضو المكتب السياسي لحزب الله غالب ابو زبنب ، المفتي الشيخ عبد الامير شمس الدين، مدير عام مستشفى الزهراء البروفيسور  يوسف فارس، وفد اللقاء الوطني الإعلامي ، حشد من علماء الدين وشخصيات قضائية اجتماعية وتربوية  واعلامية و عمداء واساتذة الجامعة الإسلامية و مهتمون .
وبعد تلاوة اي من الذكر الحكيم والنشيد الوطني اللبناني،قدم للحفل د.مصطفى حمدان فقال: لا يغالي امرؤٌ لو قال إنّ في الكتابيْنِ مشروعًا إصلاحيًّا، وهما المسيَّجانِ بِعَلَمٍ عالمٍ بين ضفّتيْهِما، إذْ يقاربانِ مناراتٍ من فكرِ سماحةِ العلّامةِ الخطيب، الذي نُرَدِّد معه أنّ "العيشَ المشتركَ لا يُبنى على التسوياتِ بل على الحقيقةِ، ولا يقومُ على الغلَبةِ بل على الشراكة".

والقى رئيس الجامعة الاسلامية البروفيسور حسن اللقيس كلمة فقال: يسعدُني ويشرّفُني أن نلتقي اليوم في رحاب الجامعة الإسلاميّة، في مناسبة تجمع الفكر والعلم، فالفكر وفاء لقامةٍ وطنيّة ودينيّة، والعلم إضاءة على قضايا تشكّل جوهرَ الكيان اللّبنانيّ وهويتَه، نحتفل فيها بإصدار كتابيْن قيّمين لعميد كلية الدراسات الإسلامية في جامعتنا، يشكّلان إضافةً نوعية إلى المكتبة الوطنية والعربية، ويُعبّران عن التزامنا الأكاديمي والثقافي تجاه قضايا مجتمعنا وبلدِنا.إن كتاب "دولةُ المواطنة في لبنان في رؤية العلامة الخطيب" وكتاب "العيشُ المشترك في لبنان في رؤية العلامة الخطيب"، لا يوثّقان فقط فكرَ أحدِ كبار علماء لبنان وحسب، بل يعكسان أيضًا رؤيةً إصلاحية جامعةً، تسعى إلى ترسيخ قيم العدالة والمساواة والانتماء الوطني، بعيدًا من الانقسام والطائفية. إنّها إعلانٌ عن التزام جامعتنا برسالة الوطن والأنسان، وتأكيدٌ دورها في صياغة خطابٍ فكري يعزّز وحدةَ المجتمع اللبناني على قاعدةِ العدالة والكرامة والمواطنةِ المتساوية.
واضاف... أما العلامة الخطيب، فهو كما نعرفه،  صاحبُ فكر نهضوي، وهو صوتٌ عقلانيّ في زمن الانقسام، رمزٌ للاعتدال والانفتاح، يؤمنُ بأنّ العيشَ المشترك ليس ترفاً بل خيارا وجوديا، يرى في المواطنةِ عقدًا جامعًا لا يُقصي أحدًا، وفي العيش المشترك ضرورةً أخلاقية ووطنيةً لحفظ السلم الأهلي وبناءِ مستقبلٍ يليق بأبنائنا جميعًا.وإيماناً من الجامعة بهذه القيم، فإنّها ما فتِئت تؤكّد في برامجها ومناهجها وأبحاثها ورؤيتِها ورسالتها واستراتيجياتها، ترسيخ مفاهيمِ المواطنة الحاضنة للتنوّع، والعيشِ المشترك الّذي يصون التّعدّديّةَ ويمنع الانزلاقَ إلى خطاب الكراهيّة والتهميش. وفي سياق هذا الالتزام، تواصل جامعةُ العلم والقيم أداءَ دورِها الوطني والتربوي من خلال مشاريعها وبرامجٍها الأكاديمية والإدارية والمجتمعية ترجمة عمليّة لرؤيتِها الفكرية الثقافيّة. فقد تبنّت الجامعةُ سياسةَ الدعم المجتمعي المستدام، وكان من أبرز معالمِها تقديمُ المنح. وفي الإطار نفسه، أطلقت الجامعةُ من خلال مراكزَ علاجيةٍ متخصصة تقدّم خدماتِ تقويمِ النطق والعلاج الفيزيائي ضمن نهج صحي مستدام، وفعّلت مشاريعَ الرعاية الصحية أكاديمياً، واصلت الجامعةُ ترسيخَ مكانتها مؤسسةٍ تعليمية رائدة وحرصت على تعزيز البحث العلمي بدعم مراكز الأبحاث، وتحفيزِ النشر العلمي في مجلات محكمة، ما يسهم في تعزيز التصنيفِ الأكاديمي للجامعة. كما وسّعت الجامعةُ آفاقِ التعاون، من خلال توقيع اتفاقيات تعاونٍ ومعاهداتِ مع جامعاتٍ ومؤسساتٍ تعليمية محلّية ودوليّة، كان آخرها توقيع إتفاقية تعاون مع الجامعة الدولية في الكويت.فنحن لا نُعلّم فقط، بل نبني إنساناً، نرعى مجتمعاً، ونشارك في صناعة المستقبل. وسنستمر بهذا النهج، مستمدّين العزمَ من إيماننا برسالة الامام المغيب السيد موسى الصدر، ومن تعاليم دولة الرئيس نبيه برّي، ومن ثقة المجتمع بنا.
وختم بالقول: أتوجه بالشكر والتقدير لعميد كلية الدراسات الإسلامية على هذا الجهد العلمي البحثيّ الرّصين، في جمع رؤية العلّامة الخطيب وتحليلِها وتقديمِها في قالبٍ أكاديميّ وفكريّ، يُضاف إلى سجلّ الجامعةِ الغني بالمبادرات العلميّة الهادفة. وأدعو أساتذتنا، طلابَنا وباحثينا إلى قراءة هذه الكتب والتفاعلِ معها، لما تحمله من فكر نقدي بنّاءٍ ورؤيةٍ جامعة صادقة. وأجدّد العهدَ بأن تبقى الجامعةُ الإسلاميّة منارةَ علم، ومنبرَ حوار، وحاضنةً للفكر الذي يبني ولا يهدم، يقرّب ولا يُقصي. أهلاً بكم جميعًا في جامعتكم، ودمتم منارةً للعلم والوحدة والتنوير.


وقال العميد قانصو في كلمته: بِكُلِّ مَحَبَّةٍ وَامْتِنَانٍ، أُحَيِّيكُمْ وَأَشْكُرُكُمْ عَلَى حُضُورِكُمُ الْكَرِيمِ، وَعَلَى مُشَارَكَتِكُمْ لَنَا هٰذِهِ اللَّحْظَةَ الَّتِي لَا تُقَاسُ بِالزَّمَنِ، بَلْ تُقَاسُ بِمَدَى ارتِباطِها بِرِسالةِ الْفِكْرِ وَهَدَفِيّتِه، بكرامةِ الانسانِ وَنُبْلِ قَضِيّتِه، وَصِدقِ نِيَّتِه.نَجْتَمِعُ الْيَوْمَ فِي هٰذَا الْفَضَاءِ الثَّقَافِيِّ النَّبِيلِ، لِنَحْتَفِيَ سَوِيًّا بِوِلَادَةِ كِتَابَيْنِ، هُمَا ثمرةُ تَأَمُّلٍ عَمِيقٍ وَتَحلِيلٍ دَقِيقٍ فِي ضَوْءِ الرُّؤْيَةِ النَّيِّرَةِ لِسَمَاحَةِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَلِي الْخَطِيبِ (حَفِظَهُ اللهُ).هٰذِهِ الرُّؤْيَةُ الَّتِي تَمْتَازُ بِالْوُضُوحِ وَالثَّبَاتِ، وَتَشُعُّ بِنُورِ مضمونِها الوطني والانساني، شاهدةً على أزمات الوطن وعاملةً لإعادة صياغةِ بُنيانِه، تُعِيدُ لِلْكَلِمَةِ مَعْنَاهَا، وَلِلْوَطَنِ رُوحَهُ، وَلِلْمُواطِنِ كَرَامَتَهُ، فلا يبني الأوطانَ الا الإنسان، فلا العصبيات تحيي الآمال، ولا الظلم يصلح الحال، وحدَها الكلمةُ الطيبةُ التي تمكثُ في الأرضِ بإذنِ رَبٍها فتنفعُ البلادَ والعِبادَ.
واضاف... الْكِتَابُ الْأَوَّلُ، «دَوْلَةُ الْمُوَاطَنَةِ فِي لُبْنَانَ»، هُوَ صَرْخَةُ الْعَقْلِ وَالْوَجْدَانِ فِي وَجْهِ كُلِّ تَمْيِيزٍ أَوْ إِقْصَاءٍ، وَرِسَالَةٌ تُؤْمِنُ أَنَّهُ لَا وَطَنَ بِلَا مُسَاوَاةٍ بين كل بنيهِ، وَلَا دَوْلَةَ بِلَا مُوَاطَنَةٍ حَقِيقِيَّةٍ، تُكْرَّمُ فِيهَا الْكفَاءَاتُ وَلَا تُقَيَّمُ فِيهَا النُّفُوسُ عَلَى أَسَاسِ الْإِنْتِمَاءِ القَبَلِي، بَلْ عَلَى قَدرِ الْإِخْلَاصِ وَالْعَطَاءِ ولا يُزانُ أداءُ امرِىٍ الا بمعيارَي النّزاهةِ والوَفاء. أَمَّا الْكِتَابُ الثَّانِي، «الْعَيْشُ الْمُشْتَرَكُ فِي لُبْنَانَ»، فَهُوَ دَعْوَةٌ إِلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ الْإِنْسَانِيِّ بَيْنَ اللُّبْنَانِيِّينَ، لَا عَلَى قَاعِدَةِ التَّجَاوُرِ الْقَلِقِ، وَلَكِنْ عَلَى أُسُسِ الشَّرَاكَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَالقُبُولِ الْمُتَبَادَلِ، وَالْوَلَاءِ الْمُشْتَرَكِ لِلْوَطَنِ، وَفِي ظِلِّ دَوْلَةٍ عَادِلَةٍ قادرةٍ تَضْمَنُ الْكَرَامَةَ وَالْأَمْنَ وَالْحُقُوقَ. ويزدانُ الوُجودُ فِي هٰذِهِ اللَّحْظَةِ بأَنْ نَذْكُرَ بِكُلِّ إِجْلَالٍ وَفَخْرٍ، سَمَاحَةَ الْإِمَامِ المُغَيَّبِ الْقَائِدِ السَّيِّدِ مُوسَى الصَّدْرِ، الَّذِي كَانَ السَّبَّاقَ فِي طَرْحِ مَشْرُوعِ دَوْلَةِ الْمُوَاطَنَةِ، وَالْمُنَادِي الْأَصِيلَ بِعَيْشٍ مُشْتَرَكٍ يَضُمُّ جَمِيعَ أَبْنَاءِ الْوَطَنِ، عَلَى أُسُسِ الْعَدْلِ وَالْحُبِّ وَكَرَامَةِ الْإِنْسَانِ.
وتابع... وَنُوَجِّهُ التَّحِيَّةَ الْخَالِصَةَ إِلَى دَوْلَةِ الرَّئِيسِ نَبِيهِ بَرِّي( أَعَزَّهُ اللهُ)، عَلَى مَسِيرَتِهِ القيادية-الْوَطَنِيَّةِ الْمُتَمَيِّزَةِ، وَعَلَى جُهُودِهِ الْمُتَوَاصِلَةِ فِي تَعزِيزِ أُسُسِ الدَّوْلَةِ الْحَقَّةِ، الْقَادِرَةِ، الْعَادِلَةِ، دَولةُ المُواطَنَةِ الَّتِي تَحمِي الْجَمَاعَةَ بكل ما فيها من مكوناتٍ وأفرادٍ، وَتُرَسِّخُ الْوَحدَةَ الْوَطَنِيَّةَ، فِي ظِلِّ سِلْمٍ أَهْلِيٍّ وَعَيْشٍ مُشْتَرَكٍ مُسْتَقِرٍّ.كما أَرْفَعُ أَسْمَى آيَاتِ الشُّكْرِ وَالِعرفانِ الجميل الجزيلِ إِلَى سَمَاحَةِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَلِي الْخَطِيبِ، عَلَى مَوَاقِفِهِ الشُّجَاعَةِ، وَرُؤَاهُ الْوَاضِحَةِ، وَخِدْمَتِهِ الْمُتَفَانِيَةِ، وَكَلِمَتِهِ الْمِقْدَامَةِ فِي وَجْهِ الْبَاطِلِ وَالزَّيْفِ وَالْعُدْوَانِ.جَزَاهُ اللهُ خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَأَمَدَّهُ بِالصِّحَّةِ وَالتَّوْفِيقِ، وَسَدَّدَ خُطَاهُ فِي خِدْمَةِ الْحَقِّ وَإِعْلَاءِ شَأْنِ الْوَطَنِ وَالْمُجْتَمَعِ. وَأَتَوَجَّهُ إِلَى مَعَالِي رَئِيسِ الْجَامِعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِي لُبْنَانَ، مَعَالِي الْأُسْتَاذِ الدُّكْتُورِ حَسَنِ اللَّقِيسِ، بِالشُّكْرِ وَالتَّهَانِي وَالتَّقْدِيرِ لِطِيبِ الْمَعَانِي، وَحُسْنِ الْأَدَاءِ وَالْمَبَانِي. فَكَانَ الرَّئِيسُ اللَّقِيسُ الَّذِي بَدَّلَ السُّوءَ الْمَاضِيَ بِحُسْنِ الْحَاضِرِ والآتي، وَغَيَّرَ الْقَحْطَ بِالنَّمَاءِ، وَالْيَبَاسَ بِالِاخْضِرَارِ، وَالضَّعْفَ بِالْقُوّةِ، وَالِجُمُودَ بِالْمُبَادَرَةِ. أَسْأَلُ اللهَ لَهُ وَلِلْفَرِيقِ كُلِّهِ، أَنْ يُوَفِّقَهُمْ دَوْمًا إِلَى صَالِحِ الْحَالِ مِنَ الْإِنْجَازِ وَالتَّوْفِيقِ.

هَذَانِ الْكِتَابَانِ، صَحِيحٌ أَنَّهُمَا صَفَحَاتٌ مَكْتُوبَةٌ فِي الظَّاهِرِ، إِلَّا أَنَّهُمَا فِي بَاطِنِهِمَا رِسَالَةٌ وَطَنِيَّةٌ يُوَجِّهُهَا سَمَاحَةُ الْعَلَّامَةِ الْجَلِيلِ، الشَّيْخِ عَلِي الْخَطِيبِ. فِيهِمَا مَشْرُوعٌ أَخْلَاقِيٌّ سِيَاسِيٌّ، إِدَارِيٌّ اجْتِمَاعِيٌّ، وَصَرْخَةُ ضَمِيرٍ تَدْعُو إِلَى إِقَامَةِ وَطَنٍ لِجَمِيعِ أَبْنَائِهِ، حَيْثُ لَا يَشْعُرُ أَحَدٌ بِالْغُرْبَةِ وَهُوَ فِي أَرْضِهِ، وَلَا بِالْخَوْفِ وَهُوَ بَيْنَ أَهْلِهِ.
وختم العميد قانصو بتوجيه الشُّكْرِ لِكُلِّ مَنْ آمَنَ بِهٰذَا المسارِ الوطني الإنساني المسؤول، كَما يَسُرُّنِي، أَنْ أَتَقَدَّمَ إِلَى جَنَابِكُمْ بطيبِ الامتنان، وَأُهْدِيَ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ إِلَى كُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ بِلُبْنَانَ، وَطَنًا لَا سَاحَةَ صِرَاعٍ، بَلْ سَاحَةَ لِقَاءٍ. وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَرَى فِي الْعَيْشِ الْمُشْتَرَكِ شَرْطًا ضَرُورِيًّا لِحَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ. وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَعْمَلُ مِنْ أَجْلِ دَوْلَةِ مُوَاطَنَةٍ كاملةٍ  مُتكامِلَةٍ مُتحاورة، لَا دَوْلَةِ طَوَائِفَ مُتَنَازِعَةٍ مُتصارعةٍ مُتناحِرَةٍ. شُكْرًا لِحُضُورِكُمْ، شُكْرًا لِتَشْجِيعِكُمْ، شُكْرًا لِإِنْصَاتِكُمْ، شُكْرًا لِتَفَضُّلِكُمْ، شُكْرًا لَكُمْ مِنَ الْقَلْبِ.


والقى راعي الحفل العلامة الخطيب كلمة استهلها بالشكر الجزيل للحضور بهذه المناسبة في الجامعة الإسلامية، وأحب بهذه المناسبة أن أتكلم حول السبب والأهمية في هذا الظرف لموضوع الكتابين، منذ تأسيس هذا الكيان سنة 1920 وحتى الآن لم يحدث أن أدى الهدف الذي أُريد منه (بناء دولة لها هدف)، الأول هو استقرار، استقرار ينشأ من وحدة الهدف، وحدة الشعب، وحدة الثقافة، يخرج من الضيّق إلى الأوسع، من العائلة والقبيلة، من الكيانات الصغيرة الى الكيان الأوسع الذي يجمع الجميع، منذ تأسيس هذا الكيان ما زلنا نعيش في كياناتنا المحدودة، الطائفية، المذهبية، تراجعنا إلى الخلف بدل أن نتقدم الى الأمام، لماذا؟ لأننا لم ندخل الى بناء دولة لبنان من الباب الصحيح، لم ندخل لإنشاء هذا الكيان على أسس متينة وإنما على أسس محدودة، على أسس عصبية قبلية، وكان من نتائج ذلك هو عدم الاستقرار، ما ننطلق منه هو العصبيات الطائفية، هذا هو سبب الاهتزاز الدائم وعدم الاستقرار وعدم تمكننا من أن نبني دولة قوية، وصرنا عرضةً للحروب وللتدخلات الخارجية وكل طائفة تخاف على نفسها من الطائفة الأخرى يستدعيها أن  تستنجد بدولة خارجية قوية ترى أن في التحالف معها أو في الخضوع لها أو في الارتباط لها أماناً لها، وهذا في الوقع أعطى مزيداً من التخلف والتراجع وعدم الاستقرار والضعف حتى انتهينا إلى حروب متتالية إن لم تكن عسكرية ودموية كانت سياسية.
واضاف... المنطلق لبناء هذا الكيان كان منطلقاً خاطئاً، والأساس الذي بُنيَ عليه هذا الكيان كان خاطئاً، و للأسف ما زال البعض يتمسك به تمسكاً قوياً، وهو مستعد لأن يدخل في حروب داخلية مع ابناء بلده المفترض أنهم شعبه وأنهم أهله، وغير مستعد لأن يقف مدافعاً عن وطنه وعن بلده، وهو ما نشهده اليوم في الحرب العسكرية الإسرائيلية اللئيمة التي خيضت ضد بلدنا وشعبنا و أهلنا الذين هم جزء أصيل من الشعب اللبناني، الى أن يقوم البعض باتهام هذه الطائفة وهذا المكون أن يتهمه ويتهم شهداءه وتضحياته بأنها في سبيل منافع ومصالح دولة خارجية وهي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لذلك إذا أردنا أن نبني بيتاً يجب أن نضع له القواعد المحكمة التي تجعله لا ينهار عند أول اهتزاز، عند حصول أي زلزال، ونحن في منطقة هي منطقة الزلازل، إذاً يجب أن نحكم قواعد البناء حتى نحافظ عليه وحتى نحافظ على أنفسنا، الإنطلاق من الرؤية الضيقة، الرؤية العصبية و التعصب الطائفي، وهذا كمن يبني بناءه على رمال على رمال متحركة سرعان ما تنهار.
واضاف سماحته...لهذا نحن انطلقنا من بيان رؤيتنا في بيان الأسس، كيف نعالج هذه المشكلة؟ هل نحن شعوب مختلفة؟ وهذا غير صحيح، أرادوا أن يؤكدوا لنا في أذهاننا أننا شعوب مختلفة، نحن شعب واحد، رضي البعض أم لم يرض، هذا أمر حقيقي أننا من أبناء هذا البلد جميعاً، و أنا انطلقت في رؤيتي من نقطة أساسية تجمع الجميع وهي حقيقة إنسانية، هي من الإنسان، (ولقد كرمنا بني آدم) الإنسان هو محور الكون، هو محور الأديان، والأديان ليست قبائل والمذاهب تفسيرات الأديان، هم أتوا إلى هذه المفاهيم والمباني وحاولوا تشويهها، فكانت المسيحية قبلية، والإسلام صوروه قبيلة، والمسلمون قبائل ولها أفخاذ، والمسيحية كذلك، ووضعوا الحواجز بين الإنسان وأخيه الإنسان، وصغروا هذا البنيان، حقروا الإنسان، هذا تحقير للإنسان، تحقير للأديان وإخراجها عن وظيفتها الحقيقية التي هي كرامة الإنسان، قال تعالى: يا أيها الناس و ليس يا أيها المسلمون، (يا أيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شَعُوبًا وَقَبَائِل التَعَارَفُوا

إِنَّا أَكْرَمَكُمْ عَنْدَ اللَّهِ (ليس المسلم الذي يطلق على نفسه مسلم) (وليس المسيحي) إِنَّا أَكْرَمَكُمْ عَنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، الذي يفَسِّرُ التَقْوَى هُنَا رَسُولُ اللَّهِ صُلَّى اللَّهِ وَأَلِهِ وَسَلَّمُ، رسول الله يفسر التقوى هنا ليست العبادات وأداء العبادات وأداء الصلاة والصيام، وإنما بهذا الكلام الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله، المقياس هو النفع للناس، إذاً كلهم سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، التقوى هي بنفع الناس، أن ينظر الإنسان إلى الإنسان بما هو انسان وليس بما هو منتمي لهذا الدين أو ذاك الدين، أما انتماؤه الفكري و انتماؤه الديني فهذه قناعة إيمانية يحاسبه عليها الله سبحانه وتعالى، أما نحن في المجتمع المتنوع، الدين ليس حاجزاً بين الناس، وعلينا أن نعيش سوياً، وكرامات الناس كلها سواء، كما فعل أمير المؤمين علي بن أبي طالب عليه السلام مع المسيحي في السوق حينما التقى به وكان عاجزاً، يحمل أثقالاً فوق طاقته، فنهرهم، حينما سأل عنه قالوا إنه مسيحي أو إنه ذمي، فنهرهم وأمر بإعطائه المال من بيت مال المسلمين.
واكد سماحته ان الإنسان هو المحور، حينما ننطلق من الإنسان نلتقي جميعاً، فلننطلق من الإنسان في لبنان لنخرج من هذه الدوائر التي وضعونا فيها، لكل طائفة دائرة لا تستطيع أن تخرج منها، هذا الذي يُجزّء، هذا الذي يضع الحواجز بين الطوائف وبين المذاهب وبين الإنسان والإنسان، هذا لا يبني دولة، ويريد أن يُفرقنا ويريد أن يمنعنا من التلاقي والحوار، الذي يمتنع عن الحوار هو العاجز، والعاجز الذي يأخذ موقفاً مسبقاً عن الآخر ، نحن بحاجة إلى ما يجمعنا وليس إلى ما يُفرقنا، التمايز الديني لا يعطي تمايزاً في الحقوق والواجبات، لذلك نحن بحاجة في لبنان المتنوع مذهبياً وطائفياً ودينياً، نحن بحاجة إلى فكر يجمعنا والفكر الذي يجمعنا هو أن ننطلق من كرامة الإنسان، وأختصر هذه الكلمة وأشكر الأستاذ الدكتور غازي قانصوه على الجهد الذي بذله في إخراج هذين الكتابين، وكما أشكر الجامعة الإسلامية ومعالي الاستاذ الدكتور حسن اللقيس الذي يرعى هذه المناسبات التي يُبرز فيها توجه الجامعة الإسلامية أن تكون منبراً للثقافة، وتظهر فيه هذا التوجه الذي يجمع الناس جميعاً، هذه الجامعة الوطنية اسمها إسلامية ونفتخر بها وبإسلاميتها ولكن إسلاميتها تتناغم وتتحد مع الوطنية.
وتوجه سماحته بكلمة إلى جميع اللبنانيين فقال: المشروع السياسي الذي قدمه علماء الشيعة ورجال الشيعة وخصوصاً في هذه المرحلة الأخيرة، من الإمام عبد الحسين شرف الدين إلى الإمام السيد موسى الصدر إلى الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين إلى الإمام الشيح عبد الأمير قبلان، إلى دولة الرئيس نبيه بري، أنا أدعو اللبنانيين جميعاً لطروحات رجالات الشيعة في لبنان، التي لم تكن يوماً من الأيام إلا طروحات جامعة ووطنية، هذا ما قدمناه، حتى المقاومة التي هي ليست دفاع عن الطائفة الشيعة وليست خارجة من عصبية أو قائمة على أساس عصبي وإنما من أجل لبنان كل لبنان، والدفاع عن لبنان كل لبنان، عن المسيحيين وعن المسلمين بكل طوائفهم، نحن نريد أن نبني وطناً جامعاً يشعر أبناؤه جميعاً بالكرامة وأن يحافظ على سيادة هذا البلد في وجه عدو مفترس الذي رأى كل العالم، وحشيته في غزة، وفي ما يحصل في لبنان بقاعاً وجنوباً وجبلاً وعاصمة وضاحية، أيها اللبنانيون أن المقاومة تدفع ثمن حماية لبنان ، ولا تدفع ثمن حماية الشيعة، نحن كنا نستطيع كما البعض أن نمد إيدينا إلى الإسرائيلي وإلى غير الإسرائيلي لنحمي أنفسنا في مواجهة الآخرين كما يفعلون، ولكن نحن لا نريد أن نحمي أنفسنا، كنا نعتقد بالأمة وما زلنا جزءاً من هذه الأمة، لم نحمل فكراً انفصالياً طول تاريخنا، نحن دائماً كنا مع الأمة، وإن حاولت بعض الأنظمة الماضية إخراجنا بالفتاوى أننا كفار وأننا مهدورو الدم، ولكن هذا لم يمنعنا أن نكون في صلب هذه الأمة وأن ندافع عن كرامتها وأن ندافع عن فكرها وعن دينها. اليوم أتوجه إلى اللبنانين جميعاً أن تعالوا ننبذ الفكر التعصبي، والكلمة التي تبعد اللبنانيين بعضهم عن بعض، وتزرع الحقد والبغض، وبالمناسبة أن هذه السياسة وهذه العبارات التي تُطلق لم تجعلنا نتخلّى عن هذا الفكر أننا نحب الآخر ونريده أن يكون معنا.أشكركم جميعاً، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2025/04/30  | |  القرّاء : 90



البحث :

جديد الموقع :


 العلامة الخطيب يرعى حفل توقيع كتابي: "دولة المواطنة في لبنان في رؤية العلامة الخطيب" والعيش المشترك في لبنان في رؤية العلامة الخطيب" اللذين اعدهما د. غازي قانصو
 العلامة الشيخ علي الخطيب راعياً لافتتاح حاشد لمعرض الكتاب العربي العاشر بدعوة من هلا صور
 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 كلمة العلامة الخطيب خلال الحفل التأبيني لوالد النائب السابق أمين وهبي في حسينية بلدة لبايا.
 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 الانتماء العصبي المذهبي / دراسة في الأسباب والآثار والحلول
 خطبة عيد الفطر لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب

مواضيع متنوعة :


 في رحاب الحج - نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب يستقبل المستشار الثقافي الإيراني السيد كميل باقري.
 كلمة سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب خلال تشييع ناشر جريدة السفير الاستاذ طلال سلمان
 كلمة العلامة الخطيب خلال حفل تأبيني في النبي شيت
 ندوة حوارية في المجلس الشيعي حول فكر الإمام شمس الدين: الخطيب وسلام وعبس ورحال يطرحون رؤية العالم الراحل
 أهمية الحجّ في الإسلام (2) - سماحة المفتي الشيخ يوسف رغدا.
 رسالة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 سِيْرَةُ الإِمَامِ الحَسَنِ بنِ عليٍّ (عليه السلام)
 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 العلامة الخطيب يستقبل الشيخ زياد الصاحب.

إحصاءات :

  • الأقسام : 21
  • المواضيع : 124
  • التصفحات : 393003
  • التاريخ :
 
 
الموقع بإشراف : مركز الدراسات والتوثيق © في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى - لبنان
تصميم، برمجة وإستضافة :
الأنوار الخمسة © Anwar5.Net